کد مطلب:352941 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:263

فیما یتعلق بالصحابة عامة
إن كل الأحكام التشریعیة والعقائد الإسلامیة، جاءتنا عن طریق الصحابة، فلیس

هناك أحد یدعی أنه یعبد الله من خلال الكتاب والسنة إلا وكان الصحابة هم الواسطة لإیصال هذین المصدرین الأساسیین إلی كل المسلمین فی مشارق الأرض ومغاربها. وبما أن الصحابة اختلفوا بعد الرسول صلی الله علیه وآله وسلم وتفرقوا، وتسابوا وتلاعنوا، وتقاتلوا حتی قتل بعضهم بعضا فلا یمكن والحال هذه، أن نأخذ عنهم الأحكام بدون نقاش ولا نقد ولا تمحیص ولا اعتراض، كما لا یمكن أن نحكم لهم أو علیهم بدون معرفة أحوالهم وقراءة تاریخهم وما فعلوه فی حیاة النبی صلی الله علیه وآله وبعد وفاته، ونمحص المحق من المبطل، والمؤمن من الفاسق والمخلص من المنافق، ونعرف المنقلبین من الشاكرین. وأهل السنة عامة، وبكل أسف لا یسمحون بذلك ویمنعون بكل شدة نقد الصحابة وتجریحهم ویترضون علیهم جمیعا، بل ویصلون علیهم كما یصلون علی محمد وآل محمد ولا یستثنون منهم أحدا. والسؤال الذی یطرح علی أهل السنة والجماعة هو: هل فی نقد الصحابة وتجریحهم خروج عن الإسلام، أو مخالفة للكتاب والسنة؟



[ صفحه 114]



وإجابة علی هذا السؤال لا بد لی من استعراض أعمال وأقوال بعض الصحابة فی حیاة النبی صلی الله علیه وآله وسلم وبعد وفاته، من خلال ما ذكره علماء أهل السنة فی صحاحهم ومسانیدهم وتواریخهم مقتصرا علیهم دون ذكر أی كتاب من كتب الشیعة لأن هؤلاء موقفهم من بعض الصحابة معروف ولا یتطلب مزیدا من التوضیح. وحتی أرفع الالتباس لكی لا أترك للخصم حجة یحتج بها علی، أقول إنه عندما نتكلم فی هذا الفصل عن الصحابة فالمقصود هو البعض منهم ولیس جمیعهم، وقد یكون هذا البعض أكثریة أو أقلیة، فهذا ما سنعرفه من خلال البحث إن شاء الله تعالی. لأن كثیرا من المشاغبین یتهموننا بأننا ضد الصحابة، وأننا نشتم الصحابة ونسبهم لیؤثروا بذلك علی السامعین ویقطعوا بذلك الطریق علی الباحثین، فی حین أننا نتنزه عن سب الصحابة وشتمهم بل ونترضی علی الصحابة المخلصین الذین سماهم القرآن، ب‍ (الشاكرین) ونتبرأ من المنقلبین علی الأعقاب الذین ارتدوا علی أدبارهم بعد النبی وتسببوا فی ضلالة أغلب المسلمین وحتی هؤلاء لا نسبهم ولا نشتمهم، وإنما كل ما فی الأمر أننا نكشف أفعالهم التی ذكرها المؤرخون والمحدثون لیتجلی الحق للباحثین، وهذا ما لا یرتضیه إخواننا من أهل السنة ویعتبرون ذلك سبا وشتما. وإذا كان القرآن الكریم وهو كلام الله الذی لا یستحی من الحق هو الذی فتح لنا هذا الباب وأعلمنا بأن من الصحابة منافقین، ومنهم الفاسقین، ومنهم الظالمین، ومنهم المكذبین، ومنهم المشركین ومنهم المنقلبین، ومنهم الذین یؤذون الله ورسوله. وإذا كان رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم الذی لا ینطق عن الهوی، ولا أخذه فی الله لومة لائم، هو الذی فتح لنا هذا الباب وأعلمنا بأن من الصحابة مرتدین، ومنم المارقین، والناكثین والقاسطین، ومنهم من یدخل النار ولا تنفعه الصحبة، بل تكون علیه حجة قد تضاعف عذابه یوم



[ صفحه 115]



لا ینفع مال ولا بنون. فكیف والحال هذه، یشهد بها كتاب الله الحكیم، وسنة رسوله العظیم، ومع ذلك یرید أهل السنة منع المسلمین من التكلم والنقاش فی الصحابة لئلا ینكشف الحق ویعرف المسلمون، أولیاء الله فیوالونهم كما یعرفون أعداء الله ورسوله فیعادونهم. كنت یوما فی العاصمة التونسیة داخل مسجد عظیم من مساجدها، وبعد أداء فریضة الصلاة جلس الإمام وسط حلقة من المصلین وبدأ درسه بالتندید والتكفیر لأولئك الذین یشتمون أصحاب النبی صلی الله علیه وآله وسلم واسترسل فی حدیثه قائلا: إیاكم من الذین یتكلمون فی أعراض الصحابة بدعوی البحث العلمی والوصول لمعرفة الحق، فأولئك علیهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعین، إنهم یریدون تشكیك الناس فی دینهم، وقد قال رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم: إذا وصل بكم الحدیث إلی أصحابی فأمسكوا، فوالله لو أنفقتم مثل أحد ذهبا لما بلغتم معشار معشار أحدهم. وقاطعه أحد المستبصرین كان یصحبنی قائلا: هذا الحدیث غیر صحیح وهو مكذوب علی رسول الله! وثارت ثائرة الإمام وبعض الحاضرین والتفتوا إلینا منكرین مشمئزین، فتداركت الموقف متلطفا مع الإمام وقتل له: یا سیدی الشیخ الجلیل، ما هو ذنب المسلم الذی یقرأ فی القرآن قوله: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علی أعقابكم، ومن ینقلب علی عقبیه فلن یضر الله شیئا وسیجزی الله الشاكرین [آل عمران: 144]. وما هو ذنب المسلم الذی یقرأ فی صحیح البخاری وفی صحیح مسلم قول رسول الله صلی الله علیه وآله لأصحابه: سیؤخذ بكم یوم القیامة إلی ذات الشمال، فأقول: إلی أین؟ فیقال: إلی النار والله، فأقول:



[ صفحه 116]



یا رب هؤلاء أصحابی، فیقال: إنك لا تدری ما أحدثوا من بعدك إنهم لا یزالوا مرتدین منذ فارقتهم، فأقول: سحقا سحقا لمن بدل بعدی، ولا أری یخلص منهم إلا مثل همل النعم [1] .

وكان الجمیع یستمعون إلی فی صمت رهیب، وسألنی بعضهم إن كنت واثقا من وجود هذا الحدیث فی صحیح البخاری؟ وأجبتهم: نعم كوثوقی بأن الله واحد لا شریك له، ومحمد عبده ورسوله. ولما عرف الإمام تأثیری فی الحاضرین من خلال حفظی للأحادیث التی رویتها قال فی هدوء: نحن قرأنا علی مشایخنا رحمهم الله تعالی بأن الفتنة نائمة فلعن الله من أیقظها. فقلت: یا سیدی الفتنة عمرها ما نامت، ولكنا نحن النائمون، والذی یستیقظ منا ویفتح عینیه لیعرف الحق تتهمونه بأنه أیقظ الفتنة، وعلی كل حال فإن المسلمین مطالبون باتباع كتاب الله وسنة رسوله صلی الله علیه وآله وسلم، لا بما یقوله مشایخنا الذین یترضون علی معاویة ویزید وابن العاص. وقاطعنی الإمام قائلا: وهل أنت لا تترضی عن سیدنا معاویة رضی الله عنه وأرضاه كاتب الوحی؟ قلت: هذا موضوع یطول شرحه، وإذا أردت معرفة رأیی فی ذلك، فأنا أهدیك كتابی ثم اهتدیت لعله یوقظك من نومك ویفتح عینیك علی بعض الحقائق وتقبل الإمام كلامی وهدیتی بشئ من التردد، ولكنه وبعد شهر واحد كتب إلی رسالة لطیفة یحمد الله فیها أن هداه إلی صراطه المستقیم وأظهر ولاء وتعلقا بأهل البیت علیهم السلام وطلبت منه نشر رسالته فی الطبعة الثالثة لما فیها من معانی الود وصفاء الروح التی متی ما عرفت الحق تعلقت به وهی تعبر عن حقیقة أكثر أهل السنة الذین یمیلون



[ صفحه 117]



إلی الحق بمجرد رفع الستار. ولكنه طلب منی كتم رسالته وعدم نشرها، لأنه لا بد له من الوقت الكافی حتی یقنع المجموعة التی تصلی خلفه، وهو یحبذ أن تكون دعوته سلمیة بدون هرج ومرج حسب تعبیره. ونعود إلی موضوع الكلام فی الصحابة، لنكشف عن الحقیقة المرة التی سجلها القرآن الحكیم والسنة النبویة الشریفة. ولنبدأ بكلام الله الذی لا یأتیه الباطل من بین یدیه ولا من خلفه فهو الحكم العدل وهو القول الفصل. قال تعالی فی بعض الصحابة: - ومن أهل المدینة مردوا علی النفاق لا تعلمهم، نحن نعلمهم سنعذبهم مرتین ثم یردون إلی عذاب عظیم [التوبة: 101]. - یحلفون بالله ما قالوا، ولقد قالوا كلمة الكفر، وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ینالوا [التوبة: 74]. - ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحین فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون، فأعقبهم نفاقا فی قلوبهم إلی یوم یلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا یكذبون [التوبة: 77]. - الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا یعلموا حدود ما أنزل الله علی رسوله والله علیم حكیم [التوبة: 97]. - ومن الناس من یقول أمنا بالله وبالیوم والآخر وما هم بمؤمنین یخادعون الله والذین آمنوا وما یخدعون إلا أنفسهم وما یشعرون، فی قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب ألیم بما كانوا یكذبون [البقرة: 10]. - إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله، والله یعلم إنك



[ صفحه 118]



لرسوله والله یشهد إن المنافقین لكاذبون، اتخذوا أیمانهم جنة فصدوا عن سبیل الله إنهم ساء ما كانوا یعملون، ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع علی قلوبهم فهم لا یفقهون [المنافقون: 3]. - ألم تر إلی الذین یزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إلیك وما أنزل من قبلك یریدون أن یتحاكموا إلی الطاغوت وقد أمروا أن یكفروا به، ویرید الشیطان أن یضلهم ضلالا بعیدا، وإذا قیل لهم تعالوا إلی ما أنزل الله وإلی الرسول رأیت المنافقین یصدون عنك صدودا، فكیف إذا أصابتهم مصیبة بما قدمت أیدیهم ثم جاؤوك یحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفیقا [النساء: 62]. - إن المنافقین یخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلی الصلاة قاموا كسالی یراؤون الناس ولا یذكرون الله إلا قلیلا [النساء: 142]. - وإذا رأیتهم تعجبك أجسامهم وإن یقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة یحسبون كل صیحة علیهم، هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنی یؤفكون [المنافقون: 4]. - قد یعلم الله المعوقین منكم والقائلین لإخوانهم هلم إلینا ولا یأتون البأس إلا قلیلا، أشحة علیكم فإذا جاء الخوف رأیتهم ینظرون إلیك تدور أعینهم كالذی یغشی علیه من الموت، فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة علی الخیر أولئك لم یؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك علی الله یسیرا [الأحزاب: 19]. - ومنهم من یستمع إلیك حتی إذا خرجوا من عندك قالوا للذین أوتوا العلم ماذا قال أنفا أولئك الذین طبع الله علی قلوبهم واتبعوا أهواءهم [محمد: 16]. - أم حسب الذین فی قلوبهم مرض أن لن یخرج الله أضغانهم، ولو نشاء لأریناكهم فلعرفتهم بسیماهم ولتعرفنهم فی لحن القول والله یعلم



[ صفحه 119]



أعمالكم [محمد: 30]. - سیقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا، فاستغفر لنا یقول بألسنتهم ما لیس فی قلوبهم [الفتح: 11]. فهذه الآیات البینات من كتاب الله المجید وما بینته من نفاق البعض منهم الذین اندسوا فی صفوف الصحابة المخلصین، حتی غابت حقیقتهم عن صاحب الرسالة نفسه لولا وحی الله. ولك لنا دائما من أهل السنة اعتراض علی هذا، فهم یقولون. ما لنا والمنافقین لعنهم الله، والصحابة لیسوا من هؤلاء، أو أن هؤلاء المنافقین لیسوا من الصحابة، وإذا ما سألتهم من هؤلاء المنافقین الذین نزلت فیهم أكثر من مائة وخمسین آیة فی سورتی التوبة والمنافقون؟ فسیجیبون: هو عبد الله بن أبی وعبد الله بن أبی سلول، وبعد هذین الرجلین لا یجدون اسما آخر! سبحانه الله! فإذا كان النبی صلی الله علیه وآله وسلم هو نفسه لا یعرف الكثیر منهم، فكیف یحصر النفاق بابن أبی وابن أبی سلول المعلومین لدی عامة المسلمین؟ وإذا كان رسول الله صلی الله علیه وآله علم ببعضهم وعلم أسماءهم إلی حذیفة بن الیمان كما تقولون وأمره بكتمان أمرهم حتی أن عمر بن الخطاب أیام خلافته كان یسأل حذیفة عن نفسه، هل هو من أهل النفاق؟ وهل أخبر النبی باسمه؟ كما تروون فی كتبكم [2] .

وإذا كان رسول الله صلی الله علیه وآله قد أعطی للمنافقین علامة یعرفون بها وهی بغض علی بن أبی طالب كما تروون ذلك فی صحاحكما [3] .



[ صفحه 120]



فما أكثر هؤلاء من الصحابة الذین تترضون عنهم وتضعونهم فی القمة وقد وصل بهم البغض لعلی أن حاربوه وقتلوه ولعنوه حیا ومیتا هو وأهل بیته ومحبیه، وكل هؤلاء من خیار الصحابة عندكم. واقتضت حكمة الرسول صلی الله علیه وآله وسلم أن یعلم حذیفة أسماءهم تارة، ویعطی للمسلمین علامتهم تارة أخری، لیقیم علی الناس الحجة فلا یقولوا بعدها إنا كنا عن هذا غافلین. ولا عبرة بما یقوله أهل السنة الیوم: نحن نحب الإمام علی رضی الله عنه وكرم الله وجهه فنقول لهم: إنه لا یجتمع فی قلب مؤمن حب ولی الله وحب عدوه! وقد قال الإمام علی نفسه: لیس منا من سوی بیننا وبین أعدائنا [4] .

ثم إن القرآن الكریم عندما تكلم عن الصحابة تكلم عنهم بعدة أوصاف وعلامات ثابتة، وإذا استثنینا منهم الصحابة المخلصین الشاكرین، فإن البقیة الباقیة منهم وصفهم الذكر الحكیم بأنهم: فاسقون، أو خائنون، أو متخاذلون، أو ناكثون أو منقلبون، أو شاكون فی الله وفی رسوله، أو فارون من الزحف، أو معاندون للحق، أو عاصون أوامر الله ورسوله، أو مثبطون غیرهم عن الجهاد، أو منفضون إلی اللهو والتجارة وتاركون الصلاة، أو قائلون ما لا یفعلون، أو ممنون علی رسول الله إسلامهم، أو قاسیة قلوبهم فلم تخشع لذكر الله وما نزل من الحق، أو رافعون أصواتهم فوق صوت النبی، أو مؤذون لرسول الله، أو سماعون للمنافقین. ولنكتف بهذا القدر الیسیر لأن هناك آیات كثیرة لم نذكرها روما للاختصار ولكن لتعمیم الفائدة لا بد من ذكر بعض الآیات التی جاءت فی ذم الصحابة الذین اتصفوا بتلك الصفات، ولكنهم بفضل السیاسة أصبحوا



[ صفحه 121]



بعد رسول الله صلی الله علیه وآله وسلم وبعد انقطاع الوحی كلهم عدول أبصعین أجمعین ولا یمكن لأحد من المسلمین أن یتكلم فی حقهم بشئ من النقد والتجریح.


[1] صحيح البخاري: 7 / 209 و 4 / 94 و 156. صحيح مسلم: 7 / 66.

[2] كنز العمال: 7 / 24. تاريخ ابن عساكر: 4 / 97. إحياء العلوم للغزالي: 1 / 129.

[3] صحيح مسلم: 1 / 61. صحيح الترمذي: 5 / 306. سنن النسائي: 8 / 116. كنز العمال: 15 / 105.

[4] نهج البلاغة: 1 / 155.